الجمعة، 11 يناير 2013

النظام "يناور" في تسليم الدفعة الثانية من المعتقلين ..واستياء في صفوف الموالين

بعد تسليم "لواء البراء" في الجيش الحر المعتقلين الإيرانيين الـ48، ضمن صفقة تبادل الأسرى، مقابل إفراج النظام عن 2126 معارضا سوريا، و4 مواطنين أتراك، وبعدما تم الإفراج عن الدفعة الأولى منهم أول من أمس على أن يتم تسليم الدفعة الثانية أمس، أعلن مصدر في الحكومة السورية تأجيل الموعد إلى غد السبت، عازيا السبب إلى «العاصفة الثلجية التي ضربت أكثر من مدينة سورية وأدت إلى انقطاع العديد من الطرقات».

وقد وضع معارضون هذا الأمر في خانة «المناورة»، مبدين خشيتهم من أن يتراجع النظام عن وعوده كالعادة. وهذا ما لفت إليه أبو إياد، الناطق باسم المجلس العسكري الثوري في دمشق، لافتا إلى أنه «كان من المفترض أن يخرج هؤلاء المعتقلون من سجن عدرا (القسم السياسي) وسجن صيدنايا العسكري، على أن يتم تسليمهم في قيادة الشرطة العسكرية في القابون»، مشيرا إلى أن المعتقلين الذين خرجوا أمس كانوا في حالة سيئة، يرتدون ثيابا صيفية في طقس شتوي بارد، وبعضهم حفاة، وقد فارق اثنان منهم الحياة بعد ساعات قليلة من خروجهما، وذلك بسبب «فيروس» أصيبا به.

وقال أبو إياد لـ«الشرق الأوسط» إن الصفقة تركت صدى سلبيا في الشارع السوري الموالي للنظام، والذي عبر عن استيائه من الإفراج عن إيرانيين فيما أولادهم - وبعضهم من الضباط في الجيش النظامي - لا يزالون في قبضة الجيش الحر، و«النظام يرفض التفاوض بشأنهم».

ولفت أبو إياد إلى أن المفاوضات تمت بين طرفين أساسيين هما رئيس هيئة الإغاثة الإنسانية التركية بولنت يلديريم وممثلون من قطر من جهة، وممثلون من النظام وإيران من جهة أخرى، بوجود ضباط مفاوضين من لواء «أبو البراء»، لا سيما قائده النقيب عبد الناصر شمير، وكانت تعقد الاجتماعات في فندق في دمشق، واستمرت نحو 3 أشهر متتالية.

وأكد أبو إياد أن «النظام ناور كثيرا خلال فترة المفاوضات، إلا أنه عاد ورضخ لإملاءات إيران التي فرضت عليه التجاوب مع مطالب الجيش الحر، لكنه بقي على رفضه في ما يتعلق بالإفراج عن بعض الأسماء المهمة، مثل طل الملوحي والمقدم حسين هرموش والمعارض شبلي العيسمي، الذين كان الجيش الحر وضعهم على رأس القائمة، إضافة إلى أسماء معارضة مهمة أخرى».

وهذا ما أكده أيضا بسام الدادا، المستشار السياسي في الجيش الحر، لـ«الشرق الأوسط»، قائلا إن «التفاوض مع ممثلي النظام لم يكن سهلا طوال فترة المفاوضات، إذ كانوا في كل مرة يتراجعون عن وعودهم.. لكن إيران نجحت في الضغط عليهم، بعدما أصبحت على يقين من أن هذا النظام صار قاب قوسين من السقوط، ولن تخاطر في إبقاء مواطنيها في أيدي الجيش الحر». وأكد الدادا أن «النظام عمد مرات عدة إلى قصف الأماكن التي كان يوجد فيها المعتقلون الإيرانيون، رغم حرص الجيش الحر على تغيير هذه المواقع.. وذلك في محاولة منه للتهرب من هذه المفاوضات، والقول إن الجيش الحر عمد إلى تصفيتهم».

بدوره، أصدر المجلس الوطني السوري بيانا اعتبر فيه صفقة التبادل هذه دليلا على تبعية النظام لإيران، وانتصارا للجيش الحر. وجاء في البيان أن «تحرير أكثر من ألفي معتقل بُشرى باقتراب تحرر كل الشعب السوري، ودليل على تبعية النظام لحكام طهران، كما أنه انتصار جديد حققه الشعب السوري وجيشه الحر بإجبار النظام لأول مرة على تحرير أكثر من ألفي معتقل دون قيد أو شرط»، معتبرا أن هذا النصر الفريد يكشف قوة الثورة السورية، وسعة المساحة الجغرافية التي تحررت في العاصمة دمشق وفي أنحاء سوريا، والمستوى المتقدم في التنظيم والإدارة الذي بلغه أبطال في الجيش الحر، ويعطي مصداقية كبيرة لما أعلنه الجيش الحر في وقت مبكر بأن الإيرانيين الذين اعتقلهم يمثلون عناصر أمنية جاءت لتدعم النظام، والدور الخطير الذي يلعبه النظام الإيراني في سوريا الأسيرة»، مضيفا «يكفي النظام السوري عارا أنه النظام الوحيد في العالم الذي بادل حرية مواطنيه بحرية مواطني دولة أجنبية».

في المقابل، وعلى خط المعتقلين اللبنانيين السبعة لدى الجيش الحر في حلب، نفذ أهالي هؤلاء اعتصاما أمام السفارة القطرية في عين التينة في بيروت أمس، وقد منعت القوى الأمنية الأهالي من الدخول إلى مبنى السفارة. وفي حين قد ذكرت معلومات صحافية أنهم سيعمدون في الأيام القليلة المقبلة إلى توزيع مناشير تطالب بمقاطعة السلع التركية، أشار مصدر في الجيش الحر لـ«الشرق الأوسط» إلى أن نجاح صفقة التبادل قد ينعكس إيجابا على قضية المعتقلين اللبنانيين في أعزاز، لا سيما إذا قامت الحكومة اللبنانية بتحرك تجاه النظام السوري، كما فعلت إيران، للضغط عليه للقبول بشروط الجيش الحر الذي يطلب في المقابل الإفراج عن معتقلين معارضين، ومن بينهم بعض الأسماء المهمة.

وأكد المصدر في الوقت ذاته أن قضية هؤلاء مجمدة في الفترة الأخيرة، لافتا إلى أن الحكومة التركية اتخذت إجراءات جديدة على حدودها في المنطقة، حيث يوجد المعتقلون وخاطفوهم، وتحديدا في «باب السلامة»، وأصبحت التحركات على هذه الحدود تقتصر على إدخال المساعدات الإغاثية فقط.

وفي موازاة ذلك، كشف المصدر عن مستجدات قد تظهر في ملف جثث الشباب اللبنانيين الذين قتلوا في كمين تلكلخ، في بداية ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وهي بث شريط فيديو تظهر فيه امرأة برتبة ضابط من الجيش النظامي، معتقلة لدى الجيش الحر، تطالب فيه النظام بتسليم الضحايا إلى أهاليهم، كي يتم الإفراج عنها.

وكانت الخارجية الإيرانية قد شكرت في بيان لها أمس تركيا وقطر وسوريا لمساهمتها في الإفراج عن مواطنيها، بحسب وكالة «إيرنا» الرسمية. كما شكرت كذلك أهالي المختطفين الإيرانيين على تحملهم وصبرهم طوال الفترة الماضية، معربة عن سعادتها الكبيرة لإطلاق سراح مواطنيها، وعودتهم لوطنهم مرة ثانية.

كذلك، أعلنت بعض الجهات التركية الرسمية عن اسمين من بين مواطنيها الأربعة الذين أطلقت الحكومة السورية سراحهم في إطار الصفقة، وهما أمل رمضان وبيرام دمير، والأخير بحار يعمل في أحد الموانئ، وكلاهما كان يعيش في سوريا منذ سنوات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق