السبت، 29 ديسمبر 2012

روسيا تخفف حدتها تجاه المعارضة وتستعد لما بعد الأسد

يصل موفد الجامعة العربية والامم المتحدة لسوريا الاخضر الابراهيمي الى موسكو اليوم السبت لاجراء محادثات مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الذي تسعى بلاده الى تسوية للازمة السورية بينما رفضت المعارضة التفاوض.

وكان لافروف صرح في مؤتمر صحافي الجمعة ان روسيا تريد من اللقاء مع الابراهيمي الذي سيعقد في الساعة الثامنة بتوقيت غرينتش "تكوين فكرة شاملة، تتضمن وجهات نظر الطرفين" في النزاع الدائر في سوريا.

ويصل الابراهيمي الذي قالت موسكو انه طلب اجراء المحادثات مع القيادة الروسية، الى دمشق بعد محادثات اجراها في دمشق مع الرئيس بشار الاسد.

ويبدو ان روسيا باتت تعترف بان نظام  بشار الاسد قد يكون قريبا من نهايته، وهو ما يشير إلى ان الكرملين بدأ يعد لمرحلة ما بعد النظام الذي ظل حليفا لموسكو لاكثر من أربعة عقود.

وإن كانت الرئاسة الروسية لا تزال تقارع الغرب برفضها دعوة الأسد صراحة للتنحي، فإن تقييمها الأخير لحظوظه في الاستمرار يعطي بعض الأمل في أن تشهد نهاية السنة نشاطا دبلوماسيا محموما باتجاه التوصل إلى حل.

وقال فيودور لوكيانوف رئيس "مجلس السياسات الخارجية والدفاعية" ومقره موسكو "روسيا ليست غافلة عن واقع الامور، والدبلوماسيون الروس ليسوا أغبياء. إنهم مدركون بان الأمور تسير باتجاه واحد".

وأضاف "بات معروفا للجميع ما ستؤول اليه الأمور في نهاية المطاف، ولكن من غير المعروف متى سيحدث ذلك".

وفي زيارة نادرة لمسؤول كبير في النظام، وصل نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد إلى موسكو خلال الاسبوع لاجراء مباحثات مغلقة مع وزير الخارجية سيرغي لافروف.


وخففت وزارة الخارجية الروسية خلال الأيام الأخيرة لهجتها المعادية للمعارضة السورية المتمثلة في الائتلاف الوطني الذي اعترف به الغرب، من خلال دعوة رئيسه احمد معاذ الخطيب لاجراء مباحثات في روسيا او خارجها.

وياتي التغير في الموقف الروسي في ظل تسارع التطورات على الارض في سوريا مع الاعلان عن سيطرة المقاتلين المعارضين على المزيد من المواقع من القوات الحكومية، واعلان المزيد من الانشقاقات.

وتغيرت لهجة روسيا في وقت سابق هذا الشهر عندما قال نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف إن الأسد بدأ يفقد السيطرة وانه لا يمكن استبعاد ان تنتصر المعارضة في النهاية.

ويبدو ان تصريحاته التي نقلتها وسائل الاعلام الروسية الحكومية، كان يفترض ان تكون غير قابلة للنشر. ولكن بعد ذلك صدرت عن القادة الروس تصريحات مماثلة ولكن أكثر حذرا.

وقال الرئيس فلاديمير بوتين خلال مؤتمره الصحافي بمناسبة نهاية السنة "لسنا معنيين بمصير الاسد. نتفهم ان هذه العائلة موجودة في السلطة منذ اربعين عاما وهناك حاجة للتغيير".

وكشف لافروف الجمعة ان روسيا ابلغت المقداد بان الوقت حان لكي ينفذ النظام وعوده ببدء حوار مع المعارضة وتنظيم المرحلة الانتقالية.

وقال لافروف بوضوح خلال مقابلة مع قناة "روسيا اليوم" التلفزيونية الاسبوع الماضي ان ما تعترض عليه موسكو هو ان يطلب منها ان تقوم بدور "ساعي البريد" وتوجيه رسالة للاسد تطالبه بالتنحي.

واضاف لافروف "اذا كان الاسد مهتما، ينبغي مناقشة ذلك معه مباشرة".

وقال لوكيانوف إن الهدف الرئيسي الذي تسعى اليه روسيا اليوم هو ضمان عدم حدوث تدخل عسكري خارجي في سوريا مثل ان يقود حلف الاطلسي حملة جوية كتلك التي ادت إلى اسقاط نظام معمر القذافي السنة الماضية في ليبيا.

واضاف "اي عملية سياسية تقود إلى تغيير السلطة في سوريا، تناسب روسيا".

وشكلت الحملة على ليبيا إلى ادت إلى سقوط نظام معمر القذافي انتكاسة لروسيا التي خسرت المليارات من صفقات الأسلحة ومشاريع البنية التحتية وجعلتها غير قادرة على التواصل مع القادة الجدد.

وتبذل روسيا ما بعد الحقبة السوفياتية في عهد بوتين جهوداً للحفاظ على مكانتها كقوة عظمى وستعمل جاهدة للحفاظ على نفوذها في سوريا الجديدة.

وأقامت موسكو علاقات وثيقة مع نظام حزب البعث في دمشق منذ تولي حافظ الأسد السلطة في بداية سبعينيات القرن الماضي.

وبفضل هذا التحالف، اقامت موسكو قاعدة بحرية لا تزال تستعملها في مرفأ طرطوس ووقعت مع سوريا معاهدة صداقة وتعاون في 1980 لا تزال تشكل أساسا للعلاقات بينهما.

وكانت روسيا مزود سوريا الرئيسي بالسلاح ورفضت مطالب الغرب المتكررة بوقف امداد النظام.

وخلال النزاع، اعترضت تركيا طائرات متجهة إلى سوريا قالت موسكو انها تنقل معدات رادار لصواريخ دفاعية.

وقال الكسي مالاشنكو المحلل لدى مركز كارنيغي موسكو "لقد ادركت روسيا قبل فترة طويلة ان الاسد لن يبقى في السلطة ولكن كان من الصعب عليها ان تعترف بذلك صراحة".

واضاف انه كان على روسيا ان تغير لهجتها وتتخذ موقفا اكثر تشددا إزاء النظام في وقت أبكر.

وقال "تسعى روسيا الان إلى اللحاق بالقطار بعد ان غادر المحطة. ان هدف روسيا اليوم هو انقاذ ماء الوجه".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق